فتحت شحنة نفط غير معتادة بابًا واسعًا من النقاش حول مدى التغيرات في سوق الناقلات البحرية، خاصة الناقلات العملاقة (التي يطلق عليها ULCC) والكبيرة جدًا (التي يطلق عليها VLCC).
ووفق تحديثات قطاع الشحن البحري لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، شهد ميناء سيدي كرير المصري -الذي يعد موقعًا لتخزين تدفقات الخام- تحميل شحنة بحجم "أفراماكس" على متن ناقلة عملاقة.
وتعكس الشحنة مرونة الشركات المشغلة للناقلات العملاقة في التعاطي مع تراجع الطلب عليها إلى مستويات منخفضة مؤخرًا؛ ما دفع بعض المالكين لقبول نقل حمولات أقل على متن ناقلاتهم؛ ما انعكس على قيمتها الإيجارية والعائدات.
وتزامن ذلك مع تسجيل أسعار الشحن مستوى قياسيًا منخفضًا لرحلات ناقلات النفط الكبيرة جدًا، إثر ضعف الطلب.
حُمّلت شحنة نفط نادرة من ميناء سيدي كرير المصري في البحر المتوسط على مدار يومي 11 و12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إذ بدأ تحميل الناقلة الكبيرة جدًا "ماران ليو Maran Leo" بنحو 100 ألف طن خام.
ومن المقرر أن تفرغ الناقلة حمولتها النفطية بميناء غدانسك في بولندا، لصالح شركة النفط والتكرير والوقود أورلن (Orlen).
ووُصفت شحنة نفط شركة أورلن البولندية من مصر بأنها "نادرة" نظرًا إلى أن تكلفة نقلها على ناقلة "ماران ليو" الأفراماكس بلغت 1.85 مليون دولار، بما ينخفض عن نصف تكلفة تحميل الناقلة الكبيرة جدًا المعتادة.
ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات النفط من سيدي كرير خلال 6 أشهر:
وتبرهن الشحنة على ضعف سوق الناقلات كبيرة الحجم، بموافقة مالكي الناقلات على عائدات أقل من المعتاد للشحنات.
ويبدو أن شحنة نفط ميناء سيدي كرير المصري نادرة بالفعل، إذ من المخطط أن تحمل الناقلة "ماران ليو" شحنة أخرى من محطة تصدير النفط "هاوند بوينت" في المملكة المتحدة إلى آسيا والمحيط الهادئ بسعر يستقر عند 6.2 مليون دولار.
ضعف الطلب على سوق الناقلات
تتعدد أسباب ضعف الطلب على سوق الناقلات خاصة العملاقة وكبيرة الحجم، في ظل التقلبات التي شهدتها سوق النفط العالمية.
فمن جهة، أعلن تحالف أوبك+ استمرار تخفيضات الإنتاج لمدة إضافية، كما تراجع الطلب الصيني على الخام من جهة أخرى.
وأدى ذلك إلى تراجع أسعار نقل الشحنات على متن الناقلات العملاقة إلى مستوى سنوي، وفق معلومات نشرتها منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة.
وعلى سبيل المثال: قُدرت واردات الصين النفطية المنقولة بحرًا بنحو 11.5 مليون برميل يوميًا، خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري 2024 (من يناير/كانون الثاني حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني).
وبالمقارنة، نجد أن هذه الشحنات تنخفض عن المدة ذاتها العام الماضي 2023، بما يعادل 600 ألف برميل يوميًا (أو 10 رحلات شهرية أقل للناقلات العملاقة)، حسب بيانات فورتيكسا.
وفي مؤشر لضعف الطلب على الناقلات كبيرة الحجم، كانت الشركات عادة تُحمل شحناتها بحمولة سويس ماكس (أكبر السفن التي يمكنها عبور قناة السويس)، ولم يكن من المعتاد استعمال ناقلات الشحنات الأفراماكس.
أسعار الشحن
أبدى مالكو الناقلات العملاقة موافقتهم على نقل الشحنات بأسعار أقل في ظل تراجع السوق، وبالإضافة لذلك رفض غالبيتهم الالتزام بعقود نقل طويلة الأجل في محاولة لتحجيم خسائر العائدات إذا عاود مؤشر أسعار السوق الارتفاع مرة أخرى.
وسجلت أسعار عقود إيجار ناقلات الخام الكبيرة جدًا 12.707 دولارًا/يوم (في الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري)، في معدل منخفض يقارب تكلفة تشغيل الناقلة البالغة 10 آلاف دولار/يوم.
وكانت أسعار نقل الشحنات على متن الناقلات الكبيرة جدًا للتحميل من غرب أفريقيا قد هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
واستبعد مالك ناقلة في أوروبا ضعف معدل الشحنات، مرجعًا انخفاض عائدات الشحن على متن الناقلات الكبيرة جدًا إلى نقص معلومات وبيانات الشحن خلال الآونة الماضية، وانشغال مقاولي الناقلات.
وتُشير التوقعات إلى أن تراجع سوق ناقلات النفط كبيرة الحجم سيتواصل خلال الأمد القريب، لحين تلقي السوق دعمًا، حسب تقرير نشرته إس أند بي غلوبال.
وبلغت أسعار الشحن من الطريق من غرب أفريقيا إلى المملكة المتحدة 92.5 دولارًا في 6 ديسمبر/كانون الأول، ارتفاعًا من مستوى 72.5 دولارًا في 26 نوفمبر/تشرين الثاني (الأدنى خلال شهرين).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- شحنة نفط نادرة من ميناء سيدي كرير المصري، من أرغوس ميديا.
- علاقة أسعار ناقلات النفط بمعدل الطلب في غرب أفريقيا، من إس أند بي غلوبال.