تحتفل الكنيسة بذكرى استشهاد القديس ماريعقوب الفارسي المقطع من خلال عدة مناسبات، حيث يتم إحياء ذكرى نقل أعضائه في الثلاثين من شهر برمهات، وذكرى تكريس كنيسته في السابع عشر من كيهك، بالإضافة إلى عيد استشهاده الذي يُحتفل به في السابع والعشرين من شهر هاتور.
تذكار استشهاد القديس ماريعقوب الفارسى المقطع
في مثل هذا اليوم، استشهد القديس ماريعقوب الفارسي المعروف بمار يعقوب المقطع، الذي يُعتبر من أبرز الشهداء الفارسيين. أُطلق عليه لقب “المقطع” لأن الوثنيين كانوا يقومون ببتر أعضائه واحدًا تلو الآخر، لكنه لم يسمح لتلك الآلام الجسدية أن تمنعه من التسبيح لله والشكر الدائم. على الرغم من معاناته الجسدية، إلا أن فرح قلبه الداخلي لم يتزعزع. كان والده شخصية بارزة، محبًا للسيد المسيح، يسير على درب الخير. أنشأ كنيسة على نفقته الخاصة، واشتهر بحبه للفقراء والأرامل والأيتام.واشتهر بمحبته للفقراء والأرامل والأيتام. منذ صغره، عاش يعقوب حياة مقدسة، وتلقى تعليمًا جيدًا، وتزوج من امرأة تقية ومؤمنة.
قصة القديس ماريعقوب الفارسى المقطع
كان القديس ماريعقوب الفارسى المقطع من جنود الملك الفارسي سكراد بن صافور. وبفضل شجاعته واستقامته، ارتقى إلى أعلى المناصب في بلاط الملك، حيث كان يحظى بمكانة رفيعة وكان الملك يستشيره في العديد من الأمور. على الرغم من أن الملك كان يعبد الشمس، إلا أنه لم يكن يمنع العبادة المسيحية. لكن حدث أن قام أسقف بإحراق معبد الشمس، مما أثار غضب الملك ودفعه إلى اضطهاد المسيحيين بشدة. تمكن الملك من إغواء ماريعقوب ليُنكر إيمانه. وكان له خادم يُدعى فاكيوس، وهو مؤمن تقي، أصبح فيما بعد أسقفًا وسجل لنا حياة هذا الشهيد. عندما علم فاكيوس بخبر ارتداد ماريعقوب، أبلغ والدته وزوجته، فبكتا بحرقة. من أجل توبته توجهتا إلى الكنيسة التي شيدها والدهما، ووقفتا هناك للصلاة . وقد ألهم الروح القدس تفكيرهما لكتابة رسالة إلى ماريعقوب المرتد، جاء فيها:
ايمان القديس ماريعقوب الفارسى المقطع
لقد علمنا أنك ما زلت على قيد الحياة، مما جعلنا نشعر بسعادة غامرة. لكننا صدمنا عندما رأيناك ترتد عن السيد المسيح بإرادتك، مما أحزننا أكثر مما كنا سنحزن لو كنت قد انتقلت إلى السماء بإيمانك. هل في أي لحظة من الزمن يمكن أن تفقد جهادك وإكليلك؟ لماذا لم تعُد إلى نفسك؟ هل فكرت في الدينونة الرهيبة؟ ألا تخاف الله وترتعد من قوته العظيمة هل ستأتي إليك؟ كان بإمكانك أن تجلس بجوار السيد المسيح في العرش، لكنك ستجد نفسك على اليسار، مرفوضًا من الله وملائكته وقديسيه بسبب ارتدادك لماذا تخلّيت عن إيمانك بالسيد المسيح واتبعت العناصر المخلوقة مثل النار والشمس؟ إذا استمريت على ما أنت عليه، فسنتبرأ منك ونعتبرك غريبًا عنا.”
عندما قرأ الرسالة، انفتح قلبه واشتعلت مشاعره بقوة كبيرة، فبدأ يبكي بحرقة وسقط على الأرض، قائلاً: “إذا كنت قد ابتعدت عن أهلي ووطني بسبب عملي هذا، فكيف سيكون حالي مع سيدي ومخلصي يسوع المسيح؟” لقراءة الكتب المقدسة والعبادة ترك خدمة الملك وكرّس نفسه . بعد أن تاب، ذهب إلى الأب الأسقف وتحدث معه بصراحة تامة، ثم زار والدته وأخته ليطمئنهما. بعد ذلك، ظهر له ملاك الرب في رؤيا، قائلاً: “قم الآن يا يعقوب بقوة الروح القدس، وخذ بركة الكتاب المقدس لتتعلم كيف تسير كما يليق بإنجيل المسيح. انظر إلى الحياة الأبدية، أورشليم السماوية.” فاستفاق يعقوب من نومه، وجثا على ركبتيه، وصلى إلى الله بدموع وانكسار قلب، طالباً منه النعمة والقوة والبركة والاستحقاق لحمل اسمه القدوس.
عذابات القديس ماريعقوب الفارسى المقطع
عندما سمع الملك أمره، استدعاه على الفور. وبعد أن تأكد من تحوله عن عبادة الأوثان وعودته إلى الإيمان المسيحي، حاول إقناعه بكل الوسائل الممكنة، لكنه لم ينجح. قدم له الملك عروضًا مغرية كصديق، لكنه أجابه قائلاً: “اعلم أيها الملك أن صداقتك زائلة، بينما صداقة المصلوب ستظل خالدة إلى الأبد. “مهما منحتني من كرامات ومجد وأكاليل، فهي بلا قيمة…” عندها أصدر الملك أمرًا بمعاقبته بشدة، محذرًا أنه إذا لم يتراجع عن موقفه، ستُقطع أعضاؤه بالسكاكين. ثم أخذوا يقطعون أصابعه ورجليه وفخذيه وساعديه، وكلما قطعوا جزءا من جسده كان يسبح ويسبح قائلا: “يا رب اقبل مني أغصان الشجرة قربانًا طاهرًا ترضيك وتقويني في جهدي.” ولم يبق من جسده سوى رأسه وصدره وبطنه.. وعندما أدرك قرب ساعته الأخيرة، دعا الرب من أجل العالم والشعب ليغفر لهم ويتحنن عليهم، معتذرًا عن عدم قدرته على الوقوف أمام عظمته بقوله: “ليس لي رجلان لأقف أمامك، ولا يدان لأبسطهما أمامك، ها هي أعضائي مطروحة حولي، فاقبل نفسي إليك يا رب”.
استشهاد القديس ماريعقوب الفارسى المقطع
حُرم القديس ماريعقوب الفارسى المقطع من قدميه، لكن روحه كانت تسير بخطوات سريعة نحو الفردوس. وبُترت يداه، لكن أعماقه كانت تتلقى غنى نعمة الله العظيمة. ورغم تشوه جسده في هذا العالم، إلا أنه كان جميلاً للغاية في نظر الله وعيون الملائكة. وتعرض لموقف معادٍ من الملك، لكن ملك الملوك، السيد المسيح، ظهر له وعزاه وقواه، مما أسعد نفسه. وفي لحظة، أسرع أحد الجنود وقطع رأسه، فحصل على إكليل الشهادة، وكان ذلك في 27 هاتور سنة 420 ميلادية.