استعرض مارتن شولتس، رئيس البرلمان الأوروبي السابق ورئيس منظمة “فريديريش إيبرت” الألمانية، الأربعاء بالرباط، تحديات اليسار في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، مؤكدًا أن “تيار الشعبوية لليمين المتطرف توسع عبر العالم”.
وأضاف شولتس، الذي يقوم بزيارة إلى المغرب، ضمن كلمته في الندوة الدولية “حاضر ومستقبل اليسار: رؤى نقدية لضفتي البحر الأبيض المتوسط”، أن ألمانيا “تعاني، كما الحال في جميع أوروبا من هذا التوسع”.
وأورد السياسي الألماني ذاته أن “مستقبل العالم يبدو مظلمًا تمامًا، مع إغفال مآسي الإنسانية نتيجة الحروب الماضية”، موضحًا أن “شباب اليوم لا يعرف الكثير عن هذا التاريخ”، وداعيًا إلى “الانتباه إلى هذا الواقع من قبل القوى اليسارية العالمية”.
وفصل المتحدث في تحديات اليسار عبر العالم، قائلاً إنه “لا يمكن أن نجمع بين مشاكل اليسار في إفريقيا ومشاكله في أوروبا أو غيرها من قارات هذا الكوكب، وذلك بسبب اختلاف الأحزاب بالنظر إلى محيطها وطبيعة مشاكلها”.
وبين رئيس البرلمان الأوروبي السابق أن هذا الأمر تقابله وحدة الأهداف والتطلعات، وزاد: “لقائي مع الأحزاب المغربية، أمس الثلاثاء، خلص إلى ضرورة الدعوة إلى تجديد الشبكات التي جمعت بين اليسار العالمي”.
وتابع شولتس: “لا يمكن أن يكون هناك تقدم لليسار دون انسجام يحترم تكييف الحلول مع الظروف المحلية لكل منطقة. ومن جهة أخرى من الضروري أن يتم بحث عولمة اليسار”، مردفا: “رغم هذه الاختلافات توجد قيم تجمع اليسار عبر العالم، من التسامح والاحترام والكرامة، وخاصة تقبل وجهات النظر المختلفة”، وختم بأن “الرئيس الأمريكي ترامب اعتمد للأسف إستراتيجية عدم الاحترام، التي لن تفضي بأي شكل من الأشكال إلى التعاون”.
وفي محاولات للفهم والبحث عن مخرج لعقبات اليسار المغربي توافقت ملاحظات المتدخلين ضمن الندوة التي حضرها نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ونبيلة منيب، النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، على “وجود انطباعات مجتمعية عن غياب التجديد في الخطاب”، وأكدت وفاء حجي، رئيسة منتدى الفكر والمواطنة، أن “المجتمع اليوم يرى اليسار بصوت غير مسموع”.
وأضافت حجي أن “اليسار المغربي لا يجب أن ينسى أنه ساهم في بناء حاضر بلادنا، من خلال جهود اقتصادية في عهد الراحل بوعبيد، همت الحصول على الاستقلال النقدي، وتطوير القطاع العمومي، وإنجازات حقوقية ساهمت في تقوية الدمقرطة والكفاح من أجل المساواة”.
وأوردت الخبيرة الاقتصادية، والرئيسة الشرفية لمنظمة الأممية الاشتراكية للنساء، أن “اليسار المغربي يعاني من هذا الأمر بسبب غياب التجديد في خطابه”، مؤكدة أن معالجة هذا الأمر ستعيد قوته السابقة.
وفي السياق ذاته أشار عبد الرحمن العمراني، العضو المؤسس للمنتدى المذكور وأستاذ جامعي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إلى مجموعة من التحديات الأخرى التي تواجه اليسار بالمغرب، قائلاً: “هناك انفصال بين الممارسة السياسية والإطار المرجعي”.
وأضاف العمراني في كلمته أن “اليسار لم يعد مبررًا له أن يتحجج بغياب الممارسة الحكومية، ومن جهة أخرى يظهر أن بقاءه الطويل في المعارضة خلق وضعًا سلبيًا ومشاكل عدة”.
ودعا المتحدث نفسه إلى “تجاوز هذه العقبات وحالة التشتت الحاصلة، والقطع مع التجمهر نحو تقديم سياسات ذات حلول ناجعة، وتوضيح طبيعة التحالفات السياسية، التي لا يجب أن تمس مرجعية اليسار”، مشددًا على أنه “في حالة أوروبا على الأحزاب اليسارية هناك أن تخرج لتوضح موقفها من القضية الفلسطينية”.
" frameborder="0">