عاد النقاش حول عقوبة الإعدام في المغرب إلى الواجهة بعد مصادقة المملكة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إلغاء هذه العقوبة، ما يفتح الباب أمام مجموعة من التساؤلات حول الإجراءات المقبلة لتكييف التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ففي وقت توقفت المملكة عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 1993 مازالت النصوص القانونية تنص على هذه العقوبة، ما يجعلها محل جدل قانوني وحقوقي.
في هذا الإطار قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنه “بعد مصادقة المغرب على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إلغاء عقوبة الإعدام سيكون من الضروري اتخاذ مجموعة من الإجراءات القانونية والتشريعية لمواءمة النظام القانوني الوطني مع المعايير الدولية”.
وأضاف تشيكيطو، ضمن تصريح لهسبريس، أن “أولى هذه الخطوات تتعلق بمراجعة القانون الجنائي المغربي، فعقوبة الإعدام مازالت قائمة في التشريعات الجنائية، خاصة في الفصل 16 من القانون الجنائي الذي ينص على العقوبات الجنائية القصوى، حيث سيتطلب الأمر إجراء تعديل شامل للنصوص التي تنص على الإعدام، واستبدال هذه العقوبة بعقوبات بديلة مثل السجن المؤبد أو السجن طويل الأمد”، وزاد: “هذا التعديل يجب أن يراعي مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة، مع اعتماد نهج إصلاحي يركز على إعادة تأهيل الجناة ودمجهم في المجتمع”.
وتابع المتحدث ذاته: “إلى جانب ذلك ستتطلب المرحلة المقبلة مواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان؛ فالمغرب قد ينضم إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل. كما سيعمل المغرب على تعزيز الإطار الحقوقي عبر إطلاق حملات توعية تسلط الضوء على أهمية هذه الخطوة في تعزيز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية”.
وخلص الحقوقي ذاته إلى أن “تحسين النظام القضائي وضمان شروط المحاكمات العادلة وإعادة النظر في قضايا المحكوم عليهم بالإعدام أمور ستكون جزءاً أساسياً من عملية الإصلاح، وستعزز من مكانة المغرب على الساحة الدولية كدولة ملتزمة بحماية الحقوق الأساسية للإنسان”.
من جانبه قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان: “نعتبر التصويت خطوة مهمة حتى وإن كانت تأخرت، لأن المغرب في واقع الحال أوقف تنفيذ العقوبة منذ 1993”.
وأضاف بنعبد السلام ضمن تصريح لهسبريس: “كنا نرافع لمصادقة المغرب لكنه منذ عام 2007 تتم المماطلة”، مشيدا بما أسماه “وقف التنفيذ في أفق إلغاء العقوبة من القوانين المغربية”.
وتابع الحقوقي ذاته: “المغرب يقول في ديباجة دستور 2011 إنه منخرط في مجال حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وبالتالي عليه الانخراط في المنظومة الكونية كما هي متعارف عليها”، وعلق قائلا: “رغم التزام الدستور وإصدار توصيتين ضمن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، متعلقتين بالموضوع، إلا أنه إلى حد الساعة لم تتم المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والهادف إلى إلغاء هذه العقوبة، والمصادقة على قانون روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية التي تتابع مرتكبي الجرائم الكبرى مثل الإبادة الجماعية، لكن رغم ذلك ليس في عقوباتها الإعدام”.