أحدثت أدوات الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال البحث العلمي، فقد وفرت إمكانات غير مسبوقة في مجال تحليل البيانات وسرعة استخلاص النتائج. ووفقًا لدراسة جديدة، فإن استخدام هذه الأدوات يعزز بنحو كبير المسار المهني للباحثين، لكنه قد يؤدي إلى تراجع التنوع والإبداع في مجال البحث العلمي.
الذكاء الاصطناعي يوفر فوائد مهنية كبيرة للعلماء الشباب:
في دراسة حديثة تهدف إلى الكشف عن تأثير استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الإبداع في مجال البحث العلمي، حلل باحثون من جامعة شيكاغو (University of Chicago) وجامعة تسينغهوا (Tsinghua University) نحو 68 مليون ورقة بحثية تغطي ستة مجالات علمية، ووجدوا أن الباحثين الذين اعتمدوا على تقنيات الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر إنتاجية بنسبة تبلغ 67%، كما حظيت أبحاثهم بعدد استشهادات يزيد بثلاثة أضعاف مقارنة بالتي لم يعتمد مؤلفوها على هذه التقنيات.
التطور المهني كان أكثر وضوحًا بين العلماء الشباب، فقد أظهرت الدراسة أن الباحثين المبتدئين الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر احتمالًا بنسبة تبلغ 32% للوصول إلى مناصب قيادية في فرق البحث، كما أنهم تقدموا في مسيرتهم المهنية بنحو أسرع مقارنة بالباحثين الذين لم يستخدموه.
تراجع التنوع البحثي والتفاعل بين الباحثين:
حتى مع الفوائد الكبيرة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي، كشفت الدراسة نفسها أن استخدام هذه الأدوات يؤدي إلى تقليص نطاق المواضيع التي يتناولها الباحثون. فالأبحاث المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت تركز بنحو متزايد على المشكلات التي يمكن حلها باستخدام مجموعات البيانات المتاحة سابقًا بدلًا من استكشاف مجالات جديدة قد تفتح آفاقًا علمية جديدة. ووجدت الدراسة أن المواضيع التي غطتها هذه الأبحاث تقلصت بنسبة تبلغ 5% مقارنة بالأبحاث التقليدية.
من ناحية أخرى، لم تشجع الأبحاث المدعومة بالذكاء الاصطناعي التفاعل الكافي بين الباحثين. فقد أظهرت الدراسة أن هذه الأبحاث أثارت تفاعلًا أقل بنسبة تبلغ 24% مقارنة بالأبحاث التقليدية، سواء من حيث الاستشهادات المتبادلة أو استلهام أبحاث جديدة.
ووفقًا لأحد الباحثين المشاركين في الدراسة James Evans، فإن هذا التقلص في الإبداع والتفاعل يشبه ما حدث مع انتشار الإنترنت، فقد أدى النشر الرقمي للأبحاث العلمية إلى تقليص نطاق الأوراق التي يستشهد بها الباحثون، وتركيزهم في الدراسات الحديثة المنشورة في مصادر محدودة.
إعادة التفكير في حوافز البحث العلمي:
مع أن James Evans يشجع على استخدام الذكاء الاصطناعي، فإنه يرى أن هناك حاجة إلى إعادة تقييم طريقة توجيه الموارد والتمويل في مجال الأبحاث العلمية، ويرى أن المؤسسات الأكاديمية وهيئات تمويل الأبحاث يجب أن تشجع المشاريع التي لا تقتصر على استخدام أدوات محددة، وتسعى بدلًا من ذلك إلى استكشاف مجالات جديدة يمكن أن تؤدي إلى اكتشافات علمية غير متوقعة.
وأشار James Evans إلى أن هناك حاجة ماسة إلى الحفاظ على تنوع المناهج البحثية وضرورة تجنب الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي؛ لضمان استمرار تطور الإبداع البشري الذي يدفع البحث العلمي إلى الأمام.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط