قامت ثورة يوليو 1952 – رافعة شعار القضاء على الفقر والجهل والمرض !
ضمن مجموعة من الشعارات – تضمنها النقاط الست فى برنامج أشمل سمى بفلسفة الثورة !
ومن المصريون الذين عاصروا قيام الثورة " أطال الله فى أعمارهم " – يتذكرون أن أغلبية الشعب المصرى كانوا " حفاه " – أى عاريين الأقدام دون أحذية – وكانت الشوارع – ترى فيها الفقراء " حفاه " ولم يكن هذا المنظر غريب على الأعين ! ولعل فى سبيل القضاء على هذه الظاهرة التى كان عليها أغلب فقراء مصر – وهم كانوا حوالى 99 % من المصريون -حيث كان المجتمع ينقسم إلى مجتمع النصف فى المائة – والطبقة الوسطى وهى الأعرض والفقراء من الفلاحون والعمال والموظفون الصغار والعاطلون بالطبع ومنهم المتسولون وجامعى أعقاب السجائر -حيث كان هناك من يجمع ( عقب السيجارة ) من الشارع لإعادة تجميع الدخان الباقى من الفضلات – ولفها وبيعها مرة أخرى – لفقراء مدخنين أخرين – كما كان هناك من يتاجر فى الورق ( الجرائد القديمة ) ومازال حتى اليوم !
وكان من أهم الأنشطة لدى الفقراء من الباعة من يبيع بجانب المدراس ( النداغة – والبخت من البسكويت الأحمر اللون وبداخله العسلية ) أى عسل أسود ويوضع فى البخت بعض ( الملاليم ) أو ( الخمسة تعريفة ) أى 2 مليم ونصف !
لأصحاب الحظ من الأطفال الذين يشترون (قمع البخت)!!
كما كان هناك من يتاجر بجانب التجمعات الشعبية فى ناتج ( السرجة ) وهى المشاغل أو الورش التى كانت تنتج الحلاوة الطحينية والحلاوة الشعر والطحينة – وكذلك
( الكذب ) ( بضم الكاف وسكون الباء ) – كما كان هناك ألعاب للفقراء مثل
( الدبور ) ( والطرة والوزير ) ( والسبع طوبات ) ! ( والبلى ) ( والترنجيلة ) ولعبة للبنات كانت تسمى ( الأولى ) ! ( والأستغماية ) ولعبة للشباب تسمى ( صلح ) ! كل هذه الأنشطة الشعبية كانت هى ملاذ الفقراء من الأطفال والمراهقين والشباب – وكان الأولاد والبنات غالبيتهم ( حفاة ) – فى الحارة -وفى الشارع !
وكان الصندل أو القبقاب أو الحذاء التفصيل ! من الممتلكات الغالية – حيث يحتفظ بها للمناسبات ! وقد قامت الثورة -فى بداياتها بإستيراد صنادل وشباشب وأحذية مطبوخة- من البلاستيك -وكان يطلق عليها ( بلاستونيل ) – وكانت تباع فى محلات
( باتا ) وكذلك كانت الصنادل الجلد من الأشياء الغالية والمحببة والمرغوبة من ( غلابة الشعب المصرى ) وكانوا الأغلبية الأعم فى المحروسة ! وبعد أكثر من خمسون عامًا أستطيع أن أجزم بأننا قضينا على صفة ( الحفاة )... فمن العسير اليوم أن نرصد
( حافيا ) فى الشارع المصرى ! إلا إذا كان ( معتوها ) وليس فقيراَ !
ولكن لا نستطيع الجزم بأننا قضينا على الجهل..فمازالت الأمية فى بلادنا – أكثر بكثير من دول أخرى بالمنطقة – ولعل وعود وزراء التعليم المتكررة فى حكومات متتالية – بأنها ستقضى على الأمية ( الجهل ) ! وعود كاذبة – ووعود مخجلة لأصحابها !! ولاشك بأن الدول العربية الشقيقة التى سبقتنا فى القضاء على الأمية – وضعت فى برامج الخدمة العامة للشباب ( المجندين للخدمة العامة ) – ضرورة تعليم ومحو أمية عدد من الموطنين شرط إستحقاقهم لوظيفة أو إستحقاقهم لدعم أو منحة أو خلافة ! ولكن نحن فى المحروسة كمسؤولين عن التعليم – غير جادين فى القضاء على الأمية ( الجهل ) !
أما القضاء على المرض – فقد قطعنا ومازلنا -أشواط طويلة فى هذا الأتجاة ومازال – يكفى أننا قضينا تماماَ على شلل الأطفال -وتقريباَ على الأمراض المتوطنة مثل البلهارسيا ولكن الجديد لدينا – السرطان – وفيروس C – وتوابعه – وأمراض حساسية الصدر وكلها ناتج ( أهمال معاصر ) – فى البيئة – وفى الأسمدة وفى المباة الغير صحية !!
أى أننا منذ 23 يوليو 1952 حتى اليوم– مازلنا نحبو نحو القضاء على ثلاث كلمات سيئة السمعة – الأولى منها أختفت بحكم التحرك الأقتصادى – أما الثانية والثالثة – فالتعليم مسؤول – والصحة والبيئة مسؤولين عما يصيب المجتمع والوطن من تخلف – فربنا المعين على أن نجد من يكون ذو حيثية وطنية وقدرة على الأبداع لكى يدير شئون التعليم والصحة فى الوطن إدارة علمية محترمة -للقضاء على أفة الجهل، والمرض وحسبنا الله ونعم الوكيل !!!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
[email protected] Hammad