في يوم مأساوي بمحافظة أسيوط، وبينما كان ميكروباص يحمل أحلام 14 أو ربما 16 راكبًا، انقلبت حياة الكثيرين رأسًا على عقب عندما سقطت العربة في أعماق ترعة الإبراهيمية بمركز ديروط. وسط هذا المشهد المفجع، سطّرت شريهان عثمان، الأم الشابة ذات الـ35 عامًا، قصة بطولية ستظل محفورة في ذاكرة كل من عرفها أو سمع عنها.
شريهان، التي كانت تعمل مسؤولة دعاية في شركة مستحضرات تجميل وتخرجت في جامعة أسيوط بعد دراستها بالمدرسة الثانوية المشتركة بديروط، لم تفكر في نفسها عندما أدركت أن الموت يقترب.
كانت في الميكروباص مع ابنتيها، طفلتين صغيرتين في الخامسة والسادسة من عمرهما. في لحظة من الشجاعة والتضحية التي لا يمكن تصورها، قررت أن تمنحهما فرصة للحياة.
آخر لحظات شريهان
عندما بدأت السيارة في السقوط، فتحت شريهان نافذة الميكروباص بقوة لم يكن يتوقعها أحد في تلك اللحظة المليئة بالذعر. أمسكت بصغيرتيها وألقت بهما واحدة تلو الأخرى خارج السيارة، متأكدة أن هذه الحركة قد تمنحهما فرصة للنجاة.
لم يكن الوقت كافيًا لتنجو هي بنفسها سقطت شريهان مع الميكروباص في مياه الترعة، بينما ظل قلبها مطمئنًا أن صغيرتيها في أمان.
الأمومة في أعظم صورها
ضربت شريهان عثمان مثالًا نادرًا للتضحية لم تكن تلك اللحظة اختيارًا بين الحياة والموت لها، بل كانت اختيارًا بين أن تعيش صغيرتاها أو لا.
ربما أدركت أن الأمومة ليست مجرد رعاية أو حب، بل شجاعة قادرة على تحدي الموت نفسه.
مصير صغيرتيها
نجت الطفلتان من الحادث بفضل شجاعة والدتهما، لكنهما الآن تعيشان لحظات من الحزن والارتباك.
فالأمان الذي منحته إياهما شريهان في لحظة التضحية الكبرى قد تبقى في ذاكرتيهما، لكن فراغ الأم لن يُملأ أبدًا هما الآن تبحثان بين الوجوه عن حضن الأم الدافئ الذي لن يعود، وعن وجه شريهان الذي اختفى بين أمواج الترعة.
جهود الإنقاذ والبحث عن الجثمان
حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، واصلت فرق الإنقاذ النهري البحث عن المفقودين وبينما تم انتشال جثة واحدة لشاب يدعى محمود حفني، لا تزال شريهان من بين المفقودين الذين لم يتم العثور عليهم بعد ورغم أن شريهان لم تعد حاضرة بجسدها، فإن قصتها تملأ القلوب وتلهم كل من سمع عنها.