بدا لافتا في مدينة الفنيدق اليوم الإثنين 30 شتنبر الغياب شبه التام لأي مظاهر أو أحداث تشي بتكرار سيناريو “15 شتنبر”، ومحاولة الهجرة الجماعية التي عرفتها المدينة نحو سبتة المحتلة، إذ أكدت مصادر من المكان لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الأجواء طبيعية في المدينة الساحلية.
ولم تلق الدعوات الجديدة لإعادة محاولة العبور الجماعي نحو الثغر المحتل تفاعلا يذكر في وسائل التواصل الاجتماعي، التي ضاقت بالمنشورات والدعوات التي تبشر بالهجرة في الفضاء الافتراضي خلال المحاولة السابقة.
مظاهر الهدوء والسكينة التي تسِمُ الفنيدق هذا اليوم أرجعتها مصادر رسمية إلى اليقظة المعلوماتية للمديرية العامة للأمن الوطني، التي “لعبت دورا حاسما في إفشال الدعوات التحريضية على الهجرة الجماعية نحو سبتة”، وأكدت توقيف العشرات من الأشخاص الذين انخرطوا في الترويج للعملية بعدد من المدن.
ووفق المعطيات ذاتها فإن الأشخاص الموقوفين تم ضبطهم بكل من صفرو وقلعة السراغنة وبنجرير والعرائش، بالإضافة إلى تطوان والدار البيضاء، حيث تبين أن أغلبهم لديهم سوابق إجرامية تتعلق بالنصب والاحتيال والسرقة، وهو المعطى الذي يبين أن عملية الترويج الواسعة للهجرة الجماعية قبل أسابيع كانت “مشبوهة”.
في تعليقه على الفشل الذي لحق الدعوة الجديدة إلى الهجرة الجماعية نحو سبتة المحتلة قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن “فشل دعوات الهجرة غير النظامية عن طريق سبتة المحتلة ليوم 30 شتنبر، التي انطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن إرجاعه إلى مجموعة من الأسباب”.
وأضاف بنعيسى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “أي دعوة علنية للهجرة غير النظامية سيكون مصيرها الفشل في الواقع”، مؤكدا أن “السلطات عملت على حشد المئات من رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة وعناصر الإدارة الترابية، مع وضع العشرات من نقاط التفتيش بمختلف مدن المغرب، وتوقيف العديد ممن يقفون وراء تلك الدعوات”.
وزاد الحقوقي ذاته أن “الإجراءات المتخذة كانت استباقية، وشلت بشكل كبير حركة وفعالية تلك الدعوات”، لافتا إلى أن “الذين لبوا الدعوات في المرة الأولى، وهم قاصرون وشباب من مختلف مدن المغرب، لم يسبق لهم أن زاروا المنطقة”.
وتابع المتحدث ذاته موضحا بأن “الشباب والقاصرين الذين غرر بهم كانوا يعتقدون أن الهجرة من السهولة بمكان؛ وأن اقتحام السياجات الحدودية أو السباحة انطلاقا من شواطئ الفنيدق في ظل ظروف الاستنفار أمر سهل”.
واستدرك بنعيسى: “لكن بغض النظر عن ذلك يمكن القول إن السلطات في إسبانيا والمغرب أمام تحد جديد بسبب ارتفاع منسوب الهجرة في أوساط الشباب والقاصرين”، متوقعا أن تتحول عمليات التعبئة ومحاولة اقتحام السياجات من “العلنية” إلى “السرية”، وذلك “عبر استعمال مجموعات وتطبيقات مغلقة، كما هو الشأن بالنسبة للطرق التي يستخدمها المهاجرون من دول جنوب الصحراء”، وفق تعبيره.
من جهته أرجع الخبير في شؤون الهجرة خالد مونة سبب فشل الدعوة الثانية للهجرة الجماعية نحو سبتة إلى “التغطية الإعلامية” التي رافقت أحداث 15 شتنبر الجاري.
وقال مونة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “التغطية الإعلامية لعبت دورا مهما في إفقاد الحملة الثانية جديتها”، مؤكدا أن “السلطات تعاملت بجدية مع القضية، بالإضافة إلى الصور التي كانت تمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الواقعة”.
وزاد الخبير في شؤون الهجرة أن “الصور التي جرى تداولها تبين انتهاك حقوق الإنسان”، على حد وصفه، مشددا على أن “هذه العوامل لعبت مجتمعة دورا مهما في الحد من الحملة والتجاوب معها”، كما أشار إلى أن “الأسر يمكن أن تكون لعبت دورا في إفشال الدعوة”، معتبرا أن “الأسباب البنيوية التي تحفز على الهجرة مازالت قائمة”، حسب وجهة نظره.